تسجيل الدخول
مقدمة في الجودة من  السبت, 24 آب/أغسطس 2013 10:35

بقلم: د. حصة الهدلق

تشهد الساحة العالمية العديد من التغيرات والتحولات في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتي تشكل الملامح الرئيسة للنظام العالمي الجديد والذي يمثل تحديا كبيرا للدول النامية والعربية بصفة خاصة , وقد ساعدت هذه التحديات والتغيرات على ظهور أنماط معيشية واستهلاكية جديدة تبعا لما تمر به المنطقة من انتعاش اقتصادي نظرا لارتفاع أسعار النفط .

وقد ساهم ارتفاع أسعار النفط في ارتفاع تكلفة المعيشة وخصوصا في دول الخليج وزاد من معدلات التضخم في هذه الدول والذي يعرف بأنه الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار تبعا لارتفاع الطلب على السلع والخدمات المختلفة مع الانخفاض المستمر في قيمة العملات .

إلا أن الأرقام المعلنة لاتعكس الواقع الفعلي لمعدل التضخم لأنها لا تتضمن مستوى جودة السلع المستهلكة حيث تقل جودة البضائع المستوردة بسبب الغش التجاري أو بسبب زيادة الاستيراد من دول معينة لرخص الأيدي العاملة بها مما يزيد من معدلات التضخم الحقيقية ( http://www.alaswaq.net )

إن هذه التطورات تزيد من أهمية تطوير الأنظمة الاقتصادية والتجارية عن طريق تعزيز الإنتاج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالإضافة إلى تفعيل منظمات وهيئات حماية المستهلك وتفعيل ثقافة الجودة والجودة الشاملة للسلع والخدمات بين المنتجين والمستوردين والمستهلكين مع ربط ثقافة الجودة الشاملة بالوعي الاستهلاكي بين المواطنين (http://www.almokhtsar.com/html/admin/45.php) .

الجودة

ظهرت أهمية الجودة في السلع التجارية والخدمات كهدف استراتيجي للعديد من المنظمات حول العالم إدراكا منها للفوائد المتعددة لتطبيقاتها ورغبة منها في مواجهة التحديات , إضافة إلى أن العديد من المنظمات بدأت في الاهتمام بصورة اكبر باحتياجات عملائها وإرضائهم وإعطاء عنصر الجودة الأفضلية في سلم الاهتمامات , والبحث المستمر عن سبل تطوير معايير عدة منها الحفاظ على التميز في تقديم هذه السلع أو الخدمات , إضافة إلى وجود عدد من العوامل التي تواجه المنظمات التي تقدم الجودة وتتعامل معها كقضية إستراتيجية مهمة تحتوي على توقعات ورضا المستفيد وفاعلية التكلفة والمواقف والسلوكيـات العامة وقد قام ديمنج العالم المتخصص في الجودة ( Deming) بتلخيص مفهوم الجـودة مخاطبا المنتِج بقوله : " لست أنت الذي تحدد جـودة منتجك أو خدمـتك بل المستفيـد منهـا ".

التطور التاريخي للجودة :

يشير المختصون إلى أن الجودة معروفة منذ القدم إلا أن التوثيق والتناول الفكري لم يظهر إلا مع النهضة الصناعية الحديثة وظهور نظريات الإدارة كنظرية الإدارة العلمية لتايلور وزملائه في الفترة من (1880 وحتى 1920م ) ودراسات التجربة والوقت وغيرها .
وقد مر في الحضارة البابلية منذ حوالي ( 1700عام ق م ) أحد نصوص قانون حمورابي الذي جاء في أحد بنوده تطبيق أقصى العقوبات على من يقدم منتجا أقل جودة من المتفق عليها . كما جاء في الحضارة الفرعونية إجراءات وقواعد عمل محددة يجب الالتزام بها وخير مثال على ذلك بناء الأهرامات وتحنيط الموتى . ثم تطورت الجودة إلى بزوغ فجر الحضارة الإسلامية التي جاءت بالحث على الجودة وإتقان العمل .

الجودة في الإسلام :

إن الجودة موجودة في الدين الإسلامي بكل مفاهيمها والجودة هي ما يسميها الإسلام بـ ( الإتقان ) ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) (سورة النمل , آية 88 ) , والمسلم مطالب بإتقان عمله لإرضاء الله عز وجل ( فإنه يعلم السر وأخفى) ( سورة طه , آية 7) , ثم إرضاء الآخرين ففي القرآن والسنة ما يدعو المسلم إلى التفكر والسعي نحو الإتقان والجودة من خلال التمسك بالقيم السامية ـ قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) رواه البخاري ـ وذلك من عدة جوانب لعل من أهمها:

- العمل : انجازه بإتقان وجودة عالية قال تعالى ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) ( سورة الملك , آية2) ( الذي أحسن كل شيء خلقه ) ( سورة السجدة ,آية 7) ( إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) (سورة الكهف , آية 30) قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) رواه أحمد .

- المهارات : تطوير المهارات الإدارية والفنية قال تعالى ( إن خير من استأجرت القوي الأمين )( سورة القصص ,آية 26) ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) (سورة الإسراء , آية 36).

- الوقت : استخدام الوقت بحساب وعدم تضييعه في اللهو قال تعالى ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ( سورة العصر) .

- الموارد : استخدام الموارد على مختلف أنواعها باقتصاد وعدم إسراف ( ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين )(سورة الأنعام , آية 141) ( وكان الله على كل شيء رقيبا ) ( سورة الأحزاب , آية 52).

- القرار : من خلال التشاور والصدق في اتخاذ القرار قال تعالى ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) (سورة آل عمران , آية 159) .

- المعاملة : من خلال التعامل مع الآخرين باحترام وتعاون قال تعالى ( وانك لعلى خلق عظيم ) ( سورة القلم , آية 4 ). وكذلك العدل وإعطاء الحقوق لأهلها ( أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) رواه بن ماجه.

- المقاييس : التزام الدقة في المقاييس والمعايير فالإسلام يقيمها بالذرة , قال تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) (سورة الزلزلة ,آية 7و8) ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) (سورة التين , آية 4 )

موسومة تحت
قييم هذا الموضوع
(1 تصويت)
الكاتب الزائر

الكاتب الزائر هو كل كاتب تقبل إدارة الأكاديميون السعوديون بنشر مقال له دون التزام من موقع الأكاديميون السعوديون بالنشر الدائم له أو إعطاءه ميزات كتاب الموقع، ودون التزام من الكاتب بالكتابة الدورية للموقع.

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

موقع الأكاديميون السعوديون © جميع الحقوق محفوظة 2020