تسجيل الدخول
أيتها الجودة من رآك (1) من  الأربعاء, 27 أيار 2015 20:17

أيتها الجودة من رآك (1)

و كلٌ يدعي وصلًا بليلى
و ليلى لا تقرّ لهم بذاكا..

يترائى لي هذا البيت الرقيق الذي لم يتفق الرواة فيما أعلم على قائله كلّما قرأتُ خبرًا أو تقريرًا عن الجودة في تعليمنا.. فعلى الرغم من حماس أغلبنا و تسليمنا بأهمية هذا المفهوم و دعواتنا المستمرة لنشر ثقافته و تحقيقه في معاملاتنا الأكاديمية خاصة و الحياتيّة بشكل عام إلا أننا لا زلنا كمن يرمي الهدف فيصيبه مرة و يخطئه مرات!

إن أي فكرة مهما كانت واعدة تحتاج لقائد يؤمن بها ويحدد أهدافها و إلى فريق مدرك لآلياتها و مستعد لاتمامها و إلى نظام يحميها حتى يشتدّ عودها.. لا زلت أتذكر بمنتهى التقدير تصريحًا لأيقونة الجودة في جامعة الأميرة نورة د. هيفاء بنت سليمان القاضي في إحدى المناسبات الخاصة للتأسيس لثقافة الجودة في الجامعة حين قالت (لا نريد أن نحتفل بالانجازات دون أن نعرف و نوثّق الممارسات التي أدّت إليها).. أظن قولها هذا لخّص لي بوضوح مفهوم و ثقافة الجودة التي قرأت عنها مطوّلا و حضرت برنامجها التدريبي كاملًا و طبّقتها مع فريق عمل مميز مااستطعنا لذلك سبيلا خلال التكليف الإداري. لكن من واقع المشاهدات في أرض الواقع استطيع القول بضمير مرتاح أن عددًا لا نحصيه من المبادرات و الإنجازات اختفى كفقاعة صابون لأنها لم تحظَ بقائدٍ مميز أو ضلت الهدف أو لم توثّق بآلية سليمة تبقيها إرثًا يستفيد منه القادم الجديد للمؤسسة. أضف لذلك كمًّا لابأس به من الأفكار غادرت مع أصحابها لأنهم بخلوا بها و آثروا أن يرتبط تطبيقها بشخصهم لا بمؤسساتهم وفي هذا من الأنانية مافيه ناهيك عن تعارضه مع مبدأين عظيمين للجودة و أخلاقيات المهنة وهما توثيق الخبرات و تقديم مصلحة العمل أولًا!

سألتُ عميد ضمان الجودة في جامعتي الاسترالية عن أهم الخطوات التي يتبعونها للرقي بمستوى الجودة في الجامعة فقال لي بعد لحظات صمت: (سامحيني لم استوعب سؤالك! أنا أحضر لكي أعمل و ليس لكي أحقق الجودة! بالنسبة لي ممارسات الجودة جزء من العمل و المعرفة الضمنية المتوارثة و ليست كيان منفصل عنه!) انتهى كلامه و لم تنتهِ دهشتي! لكن لعل هذا ماينقصنا فنحن دائما نتحدث عن الجودة كنجمة تلوح في الأفق أو عبء إضافي على بيئة العمل و لعلّ فرضها كأمر واقع و جزء لا يتجزأ من آلية العمل سيحقق النتائج المرجوة على المدى الطويل.. حتى لو استمرت المقاومة حينًا و شذَّ عن الركب بعض الممانعين لابد بتوفيق الله أن تنتصر الفكرة الصحيحة والسليمة في العمل الأكاديمي!

و مع تزايد حديثنا عن الجودة و احتفالياتنا المترفة بشهادة الاعتماد من هذه الجهة أو تلك يجب أن نعي تمامًا أن تحقيقنا للجودة تشهد به المخرجات.. إذا لم تتسابق الجهات الباحثة عن عمل لتوظيف خريج ذلك القسم أو البرنامج فجودة البرنامج معتلّة و لو شهد له أهل الأرض جميعًا بالجودة.. نعم لملء النماذج و للتوثيق و للمراجعات الداخلية و كل العمليات الضامنة للجودة و نعم لكل التعاميم بالتشديد عليها و لكن لنفهم تمامًا أن هذا الزخم ليس إلا شاهد لتطبيق المعايير و القول الفصل في تحقيق الجودة فعلًا هو (الانسان) الذي يمثِّل هذا الكيان سواءً من يمارس المهنة فيه أو الخريج الذي تستثمر فيه هذه الجهة الوقت و المال و الجهد! و للحديث بقية بإذن الله..

#خاتمة

مالجودة إلا الاتقان و يقول ﷺ (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه)..

موسومة تحت
قييم هذا الموضوع
(7 أصوات)
ناديه الشهراني

أكاديمية، طالبة علم شغوفة و في حالة  بحث مستمرة عن إجابة السؤال التالي! أجد متعتي في القراءة، الأمومة، العمل الجماعي و تعليم اللغة! أدين بعد توفيق الله بنجاحي لمن قال لي لا تحاولي فالأمر صعب!

مواد أخرى من ناديه الشهراني

2 تعليقات

  • رابط التعليق نصره السهراني الأحد, 31 أيار 2015 16:01 كتبها نصره السهراني

    طرح رائع استاذه ناديه وعمق في التفكير وربط بالواقع وهذا مانحتاج له وختامك للطرح اروع بربطه بديننا الحنيف وفقك الله وننتظر منك المزيد

    تقرير
  • رابط التعليق امل الأحد, 31 أيار 2015 19:00 كتبها امل

    رائعه ياجميلتي انت اسال الله لك التوفيق

    تقرير

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

موقع الأكاديميون السعوديون © جميع الحقوق محفوظة 2020