إلا أن الملاحظ وجود خلط في مفاهيم العمل التطوعي في الوسط الأكاديمي سواء على مستوى أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب والطالبات. فمفهوم العمل التطوعي وإن تعددت تعريفاته إلا أنه يدور حول ركيزة أساسية وهي أن يقوم به الفرد طوعاً من ذات نفسه بدون إلزام من أحد وبدون مقابل. و "المقابل" هنا يتضمن جميع الأهداف المادية والمعنوية التي يسعى الإنسان لتحقيقها لذاته. فالعمل من أجل تحقيق مصلحة ما كالحصول على درجات في مقرر أو الحصول على ترقية وظيفية أو للحصول على منفعة دنيوية، يجعل العمل يخرج عن إطار التطوع بلا مقابل إلى حيز الجهد المبذول بمقابل.
فالتسابق بين الطلاب أو المدرسين لتقديم أعمال تطوعية لتضاف لسجلهم التعليمي أو الوظيفي لتحقيق هدف ما، قد أخرج العمل التطوعي عن دائرة العمل الإنساني النبيل إلى دائرة الوجاهة الإعلامية والمصالح الشخصية، وهذا ما يتناقض مع فلسفة التطوع القائمة على الإختيار الحر بعيداً عن الإلزام أو السعي لتحقيق هدف شخصي للمتطوع.
وعلى الرغم من انتشار الأعمال التطوعية وتسليط أضواء الإعلام عليها إلا أننا لا زلنا نفتقد لتطبيق المفهوم الحقيقي للعمل التطوعي، ونغرس في وعي الجيل الجديد مبادئ وصور خاطئة له بتبجيل بعض الأعمال وادراجها ضمن إطار العمل التطوعي رغم تجاوزها له. وهنا يبرز دور الأسرة والمناهج والإعلام في تعزيز ثقافة العمل التطوعي الأصيلة في نفوس أبناء المجتمع بعيداً عن الأنظمة واللوائح ومعايير المفاضلات الوظيفية التي أفسدت صورته بالأذهان.