ويتميز المجتمع السعودي بأنه مجتمع فتيّ، حيث تستحوذ الفئة العمرية من (15-30) عامُا النسبة الأكبر من المجتمع، وذلك حسب ما توصلت إليه الهيئة العام للإحصاء في احصاءاتها للعام الحالي 2016م.
هذه الإحصاءات والأرقام تقدم مؤشرات لصانع القرار، تعينه على تحديد البرامج والمشروعات المناسبة للمجتمع، واستثمار قدرات أبناءه وأوقاتهم في تنمية مواهبهم، وبناء مجتمعهم، وتحقيق رؤية وطنهم الحاضر في المستقبل. والمساهمة في التنمية في كافة مجالاتها.
حيث أكدت رؤية المملكة العربية السعودية (2030م-1452هـ) على أن الشباب هم مصدر تحقيق هذه الرؤية، وضمان مستقبل الوطن.
ومن هنا؛ تبرز ضرورة إقامة المشروعات والفعاليات، وتفعيل المبادرات، وبناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص، واستحداث الأنشطة الثقافية، والاجتماعية، والتطوعية، والرياضية؛ ليتمكن الشباب من المشاركة الفاعلة في مجتمعهم، بما يُسهِم في خدمته، واستثمار طاقاتهم، ومواهبهم على الوجه الأمثل.
حيث ينبغي إتاحة الفرص للشباب للمشاركة الفاعلة في مجتمعهم، من خلال التنوع في المجالات التي تستجيب لتعدد قدراتهم، ومواهبهم. وتبرز من بين تلك المجالات ما يلي:
المجال الوظيفي: تبرز الحاجة الأهم لاستثمار العنصري البشري فيما يلي:
- توفير نظم، وسياسات، وإجراءات مبنية على الجدارة، وتتسم بالشفافية، والنزاهة، وتضمن تكافؤ فرص الاختيار، والتعيين، والتطوير لأصحاب الشهادات العليا، من الفئة العمرية الشابة، في القطاعين العام والخاص، بما يحقق الرضا الذاتي، والوظيفي، والنفسي، والاجتماعي لهم.
المجال الثقافي: يمكن في هذا المجال تحقيق الآتي:
- إقامة ملتقيات، وندوات تسلط الضوء على مسيرة الناجحين من شباب المجتمع.
- تفعيل دور أكبر للشباب في المعارض والمؤتمرات العلمية، وتشجيعهم على التأليف، وتقديم الأبحاث والأوراق العلمية، وإشراكهم كمنظمين في تلك المعارض والمؤتمرات.
- إقامة برامج ومسابقات الإلقاء، والخطابة، والشعر، والتأليف، والابتكار، والاختراع، وألا تقتصر على المدارس أو الجامعات، بل يمكن أن يؤسس في كل منطقة مركز لتبني المسابقات والبرامج، أو تتولى ذلك الأندية الأدبية، أو الرياضية؛ ليكون هناك بعد ذلك تصفيات لمسابقة على مستوى الوطن ككل.
- السماح بإنشاء الجمعيات العلمية في المدارس الثانوية والجامعات، ودعمها، وتشجيعها على التفاعل مع المجتمع، والمشاركة في المسابقات العلمية.
- إنشاء مجلس شباب على غرار مجلس الشورى؛ لطرح وتناول مشكلات الشباب في المجتمع، ويمكن استثمار شبكات التواصل الاجتماعي؛ لطرح أفكارهم وتقديم آرائهم فيما يستجد من موضوعات وقضايا ثقافية أو اجتماعية.
- الاحتفاء بالشباب الطموحين والناجحين، والمساهمة في إبرازهم، ونشر أعمالهم ضمن وسائل الإعلام، وأهمها شبكات التواصل الاجتماعي.
المجال التطوعي: يمكن في هذا المجال تحقيق الآتي:
- بناء استراتيجية محددة؛ لتنمية مهارات التطوع، وتدريب الشباب عليه، وإبراز أهمية العمل التطوعي من خلال الأنشطة، والمناهج الدراسية في المدارس والجامعات.
- تشجيع الشباب على التطوع، والمشاركة في الأعمال التطوعية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إقرارها كمتطلبات دراسية، يرتبط عن طريقها الشاب بمجتمعه، والجمعيات التطوعية غير الربحية فيه، وتشجيعهم على إنشاء الجمعيات التطوعية الشبابية، ودعمها على كافة المستويات.
- تنويع مجالات العمل التطوعي؛ ليستوعب التمايز بين الشباب في القدرات والمهارات، وتقديم فرص متنوعة؛ لتلبية حاجات حقيقية بالمجتمع.
- تبني مبادرة تتيح استفادة المجتمع من مواهب وقدرات الطلاب في تنفيذ أو تصميم الأعمال التطوعية، واستثمار قدرات الطلاب التقنية في هذا المجال، ويمكن منحهم مكافئة مادية ومعنوية نظير ذلك.
مجال التعليم والتدريب: يمكن في هذا المجال تحقيق الآتي:
- تنمية مهارات التفكير لدى الشباب من خلال المناهج والمقررات الدراسية في المدارس والجامعات؛ ليتمكنوا من التعامل الواعي مع القضايا والمشكلات التي تنشئ في مجتمعهم، خاصة مع التطور المتسارع في المستجدات العلمية والتقنية والاجتماعيةـ، التي تتطلب عقلية واعية تحسن التفاعل معها إيجابيًا.
- إتاحة الفرص للشباب للتدريب والتأهيل، بما يناسب اهتماماتهم وميولهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتنمية مهارات الحياة، والتعلم المستمر لديهم، واستثمار التقنية في تدريبهم.
- بناء البرامج والأنشطة الإثرائية التي تتعهد مواهبهم وتتيح لهم الإبداع والابتكار، وإتاحة الفرصة للشباب للمشاركة في المسابقات والنشاطات التي تعنى بمواهبهم. وتحقق طموحاتهم.
- تفعيل المسارح المدرسية والجامعية في تقديم محتوى ومضمون تعليمي وثقافي، ينمي مواهب الشباب، ويحقق لديهم أهداف تربوية واجتماعية.
- إتاحة الفرص للشباب في المدارس والجامعات للانخراط في مجالات سوق العمل، بما يناسب قدراتهم ومواهبهم، كعمل جزئي أو موسمي. ويكون لهذه الأعمال جزء من تقييمهم في دراستهم.
- إنشاء مراكز اجتماعية، تقدم برامج، وندوات، وملتقيات تتفاعل مع القضايا والمستجدات المتسارعة، التي تؤثر سلبًا على قيم وثقافة المجتمع؛ لتوعية الشباب نحوها وسبل التعامل الإيجابي معها.
- تشجيع القطاع الخاص، وتقديم الحوافز له، للمساهمة في تقديم البرامج والمبادرات المناسبة للشباب السعودي في كافة المجالات.
من خلال ما سبق يتضح أهمية الشراكات المتعددة، والتعاون بين الجهات المختلفة؛ لتقديم مبادرات وفعاليات متميزة للشباب السعودي. حيث تؤكد المجالات السابقة والمبادرات التي تضمنتها أدوار مشتركة ومتعددة، يمكن أن تسهم كل مؤسسات المجتمع المدني فيها، بما يحقق لدى الشباب ذواتهم، ويعزز ثقتهم بأنفسهم، ويدربهم على تحمل المسئولية، واكتساب المهارات الحياتية، ومهارات التعلم، والعمل، والتطوع، وتوجيه الطاقات، والمواهب لخدمة المجتمع، ونفع شبابه.
فإن لم نحسن استثمار قدرات ومواهب الشباب، فأنها ستصبح مهدرة، أو توجه توجيه سلبي، وتجلب الضرر للمجتمع، وللشاب نفسه. والمجتمعات لم تتقدم إلا باستثمار طاقات أبنائهم وقدراتهم. وبلادنا تخطو نحو المستقبل برؤية طموحة، تحمل في طياتها برامج لغدٍ أفضل للمجتمع وأبنائه، تعتمد القيادة الرشيدة بعد التوكل على الله على سواعد الشباب القادر على إحداث التغير والأثر الإيجابي؛ للوصول إليها وتحقيقها كواقع مشرق.
العنصر البشري هو رأس المال الحقيقي
تُمثِّل مرحلة الشباب مرحلة بناء الذات، وتكوين الشخصية السَّوِيَّة، والتفاعل مع المناسبات والقضايا والمشكلات الاجتماعية، ولذلك مشكلات أفراد هذه المرحلة تكون غالبًا امتدادًا لمشكلات مجتمعهم التي تحيط بهم.
موسومة تحت

د. ناصر النفيعي
دكتوراه في المناهج وطرق التدريس ومهتم بالتربية والتعليم وتعليم التفكير. مؤمن أن إصلاح المجتمع يبدأ من المدرسة.
-
العنوان:المملكة العربية السعودية
-
المدينة:الرياض
-
المنطقة:الرياض
-
البلد:Saudi Arabia
مواد أخرى من د. ناصر النفيعي
رأيك في الموضوع
تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة