فالغاية من تطوير المناهج هو رِفعة مكانة هذا الوطن، ولكن ما نراه واقعًا ماثلاً أمام الجميع ومن واقع العمل في ميدان التعليم العام لم نلحظ تغيير في العُمق للمناهج الدراسية، بل كان تغييراً شكلياً في أغلبها، بشكل لا يفيد المتعلم ولا يساعد في دفع عجلة التنمية المستدامة، فأين تصوراتنا ورؤيتنا لِما سوف يحدث في المستقبل في ضوء البيانات المتواجدة أمامنا؟ وأيضاً نجد الكثير من التخطيط الجيد لمشاريع التطوير ولكن أين التنفيذ الجيد والمتكامل على أرض الواقع؟ ولعلّ ذلك هو أحد أسباب ضعف مخرجات التعليم لدينا، على الرغم مما يُنفق من ميزانية باهضه على مشاريع تطويره.
وحتى لا يكون هذا التطوير شكلياً، ينبغي على وزارة التعليم التهيئة ودراسة الواقع قبل التنفيذ، والنظر إلى كافة عناصر منظومة التعليم بشكل متكامل، بحيث تعمل على تطوير الأدوات التي تُحققها في المتعلم، من مراحله الأولى على التعلم الذاتي والاهتمام بمهارات التفكير الناقدة والتساؤل والبحث والاستقصاء، و من بيئة مدرسية متكاملة، ومن إمكانات مادية في تصميم المباني ذات تقنية متطورة، ومن منظومات إدارية وقيادية تعليمية متطورة، ومنهجٍ جيد مناسب لعقول النشء ومتوافق مع متطلبات العصر مُركزاً على الكيف وليس الكم، ومن معلمين مدرّبين وأكفاء (فلا يمكن لأي نظام تعليم أن يرقى فوق مستوى المعلمين فيه)، لذا وجِب على الوزارة الحرص على إعطائهم الحقوق والحوافز وتدريبهم وتطويرهم.
ومن الجيد أن تستحدث الوزارة أحد الاتجاهات الحديثة لتطوير المناهج كما لدى الدول المتقدمة في التعليم، والتي تقتضي وضع الخُطط العريضة للمنهج وترك التفاصيل للمعلم أو إدارة المدارس ليتم اختيار المرجع المناسب بناء على معايير مُيسرة، وبما يتوافق مع الأهداف الأساسية الموضوعة سلفاً للمنهج، وحتى يصبح هناك نوعاً من التنافسية بين المدارس والمعلمون والمهتمون في تطوير المناهج.
وأخيراً يجب أن يقف المربّون والآباء والمسؤولون الموقف الإيجابي من محاولات الإصلاح والتغيير، وألا نحكم عليها بالفشل قبل نضجها واكتمال أوجه التطوير فيها، ويجب على مسؤولي تطوير المناهج استغلال الكفاءات المحلية والاستغناء عن المطورين الخارجيين، وفي الوقت نفسه استقراء آراء المعلمين والطلاب وأولياء الأمور وجميع المؤسسات الاجتماعية حول المناهج والمشاركة في تقييمها، حتى يتم تقييمها بشكل محايد وليس بمواقف وردود أفعال تعود علينا بالضرر، ولكي تخدم المصلحة التعليمية والوطنية.
بقلم الباحثة
سارة آل مانع